لو اجتَمَعت القرى اللّبنانيّة لشكَّلَت موسوعةً من الرّونقِ والجمال! هنا القرية الّتي تتربَّعُ على عرشِها العالي، وهناكَ تلكَ الّتي تكادُ تُلامِسُ السّماءَ وغيومَها… أمّا قَريَتي فتراها تائهةً بينَ أشجار الصّنوبر والسّنديان، حاضرة لاستِقبال الزّوّار الهاربين من زحمة المدن!
ها نحنُ في فصلِ الرّبيع، فصل التّجدّد والحياة، لا يُمكِنني أن أرى معالمَه، ولكنّني أحمِلُ ذكريات من قريتي اللّبنانيّة في كلّ فصولها.
ربيعُ قريَتي يسرقُ النّاظِرَ إليها انتباهه! إنَّ السّماء الزرقاء الصّافية تتباهى بشمسها الكَريمة، فأرى أشعَّتَها تبعثُ النّورَ والدّفءَ وتنشُرُهما بمحبَّة. أمّا الغيومُ الخجولةُ فتبدو كالأفكار في أذهانِنا، متنوّعة، وواعدة.
يا أيّتها الحساسين، هل يمكنك أن تأخذيني في رحلَةٍ من رَحلاتِكِ، حيثُ أتمتّعُ بهذه اللّوحة الّتي رَسَمَها الخالق؟ آه! يا ليتَني كنت فراشةً، لتنقّلتُ بين الأزهار الفوّاحَةِ لأستنشِقَ عطرَ بلدي الحبيب! تلكَ الأزهار الزّاهية التّي أراها مستلقيةً على العشب الأخضر، تقدّمُ عرضًا فاتنًا راقصةً مع النّسيمِ العليل على ألحان العصافير المطربة.
كم أحبّكَ يا لبناني الغالي! وكم أنا مشتاقة لإلفة، محبّة وبساطة بيوتك المتواضعة الّتي لطالما جَمَعت الأجيال! لن أنسى تفاصيلك! فكيفَ لي أن أنسى الحضنَ الّذي استقبَلَني عندَ كلّ عودةٍ بفرحٍ، وودّعني عندَ كلّ إقلاعٍ بدموع وحرقة؟
ماريتا دي- ماري مراد- ريان حسين- كريسي البطي EB6D